فضيحة سرقة الألواح الشمسية: عندما تكشف العدالة الفساد المستتر

لا يزال الشارع السياسي منشغلًا بقضية سرقة ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات من مستودع قيد البناء بايت ملول، والتي كشفت عن صراع خفي بين مصالح متشابكة، مما يثير تساؤلات حول نزاهة بعض الصفقات العمومية. إلا أن أبرز ما يميز هذه القضية هو النزاهة التي أبان عنها القضاء ، حيث طبق القانون بحزم وحياد تامين، غير متأثر بأي انتماءات سياسية أو ضغوط.
بدأت تفاصيل القضية عندما أطلق رئيس إحدى الجماعات صفقة عمومية لتوفير أكشاك حراسة ليلية متطورة، تضمن للحراس وسائل إنارة ومنافذ شحن تعمل بالطاقة الشمسية. وقد فازت بالصفقة شركة قدمت نموذجًا مبتكرًا يلبي جميع المتطلبات.
لكن التنفيذ واجه عراقيل غير متوقعة، إذ تزامن مع محاولة واضحة لتعطيله. ووفقًا لمصادر مطلعة، يُشتبه في أن رئيس الجماعة، الذي ربما كان يسعى لمنح الصفقة لشركة أخرى، قد قام بتكليف شقيقه بسرقة الألواح الشمسية والبطاريات من المستودع، مما أدى إلى تعثر الشركة الفائزة في تنفيذ بنود العقد، وهو ما استغله رئيس الجماعة للمطالبة بفسخ الاتفاق.
إلا أن التحقيقات الأمنية والعلمية كشفت الحقيقة، إذ أكدت الأدلة الجنائية وجود بصمات شقيق رئيس الجماعة في مكان الجريمة، ما عزز أقوال صاحب الشركة المتضررة، الذي أكد أن الهدف من الواقعة كان عرقلة مشروعه وإقصاؤه من الصفقة.
وبناءً على هذه المعطيات، لم يتردد القضاء في إنفاذ القانون بحزم، حيث أصدر حكمًا بالسجن النافذ لمدة سنة واحدة في حق شقيق رئيس الجماعة، بعد استكمال التحقيقات وجمع الأدلة التي أدانته بشكل قاطع.
وتبرهن هذه القضية على التزام السلطات القضائية باكادير بمكافحة الفساد والسرقة دون أي تمييز، مؤكدة على أن العدالة لا تخضع لأي حسابات سياسية أو اجتماعية، بل تضع سيادة القانون فوق كل اعتبار.
وقد أشادت العديد من الهيئات الحقوقية والجمعوية والسياسية بحياد القضاء واستقلاليته، منوهةً برفضه الانصياع لأي محاولات للضغط أو التأثير على سير العدالة، رغم أن المتهم شقيق مسؤول سياسي ينتمي إلى أحد الأحزاب المشكلة للحكومة.
وفي الوقت الذي تستمر فيه التساؤلات حول دور الجهات المعنية في مراقبة تنفيذ الصفقات العمومية وضمان الشفافية، تقدم هذه القضية نموذجًا يُحتذى به لنزاهة القضاء المغربي، ورسالة قوية بأن أي محاولة لاستغلال النفوذ أو التلاعب بالصفقات العمومية لن تمر دون محاسبة عادلة.